الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية احذروا غضب المهمشين.. ثــورة الثائرين والمعطلين تتأجج في الجهــات

نشر في  17 مارس 2015  (10:56)

تعتبر البطالة في الوقت الحالي إحدى المشاكل الأساسية التي تواجه معظم الجهات، فرغم التحرر الفكري بعد الثورة إلا انه لوحظ في المقابل تراجع وظيفي رهيب في البطالة الراهنة، فهل تم التفكير في توفير حلول لها؟

تعيش عدد من جهات البلاد منذ مدة على وقع تململ اجتماعي بدأ يلف مختلف المناطق المهمشة ويتوسع تدريجيا، خاصة في المناطق الداخلية التي تعيش فقرا وتهميشا متواصلا ولعل الفقر والبطالة كلاهما سببين رئيسيين في تفشي ظاهرة الإرهاب والتهريب وهو ما إنجرت عنه عديد الآفات الاجتماعية الخطيرة التي باتت تهدد المواطن.

عديد المعطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا في سيدي بوزيد -ممن تحدثنا- إعتبروا أنّ سرطان الإرهاب سببه الرئيسي البطالة والفقر. فكما هو معلوم آفة الإرهاب ملاذها المناطق المهمشة والفقيرة ولعلّ الملاحظ لهذه الجهات التي تعيش أزمات اجتماعية يسجل تنامي وتكاثر الخلايا الإرهابية. وهذا ليس اتهام لشباب المناطق الريفية المهمشة بل هو واقع نعيشه ونراه ونحلله.

رأى البعض أن الحلّ الأنسب لتزدهر تونس هو مكافحة البطالة وضمان حق العيش الكريم للشباب خاصة. وبالرغم من الوعود والتطمينات إلا أنّ عددا من الجهات بدأ صبرها ينفذ. ففي ولاية قابس دخل منذ ما يقارب الشهر عدد من الشباب العاطل عن العمل في اعتصام وإضراب جوع مفتوح والسلط لا تحرك ساكنا فهل عادت سعادة سياسة التحقير؟

 إلى جانب هذا تعيش ولاية القصرين وخاصة معتمدية تالة غليان شعبي دفع بالعديد من حاملي الشهائد المعطلين عن العمل، إلى محاولة الانتحار الجماعي شنقا وسكب البنزين على أجسادهم بعد أن فاض كأس الصبر وتواصل تجاهل من منحوهم أصواتهم لمطالبهم المشروعة. معظم الولايات المهمشة التي ساهمت بخيرة شبابها ودفعت دمائهم فداء لهذا الوطن العزيز إبان ثورة 17 ديسمبر - 14 جانفي مازالت في الإنتظار.

هذا وصرح عدد من المعطلين عن العمل "للجمهورية" أنّ الحلّ ليس جمع المعطلين في مع مجموعة من المسؤولين في بناية لتبادل أطراف الحديث والعودة إلى منازلهم فرحين مسرورين على حد تعبيرهم.

 للإشارة فان ولاية القصرين لا تزال مهمشة بل زاد الفقر فيها وحسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير فإنّ تونس تصنف في المرتبة الأولى في نسبة البطالة في المنطقة العربية. كذلك يواجه عدد كبير من أصحاب الشهادات العليا في سيدي بوزيد أزمة اجتماعية وصفها بعضهم بأنها خانقة نتيجة استمرار ارتفاع نسبة البطالة في صفوفهم.

 وهو ما دفع بالعديد منهم الى توجيه دعوات للاحتجاج يوم الخميس 19 مارس الجاري على غرار الحركة الاحتجاجية التي نظمها عدد من حاملي الشهائد المعطلين عن العمل بداية هذه الأسبوع حيث تحولت وقفة احتجاجية إلى مسيرة غاضبة جابت شوارع الجهة من أهم شعاراتها "التشغيل والتنمية".

وتضامنا مع العاطلين عن العمل المعتصمين في ولاية قابس هددت الحركة بالدخول في اعتصام وإضراب جوع مفتوح يوم 23 مارس الحالي في صورة عدم الاستجابة لمطالبهم وإيجاد حلول جذرية تضمن لهم حق العيش الكريم على حد تعبيرهم.

 وللإشارة فان نسبة البطالة في تونس بلغت 15.7 بالمائة وما يقارب 1.6 مليون على خط الفقر. والأغرب فإن ولاية سيدي بوزيد شرارة الثورة المجيدة زاد الفقر فيها ومات أهلها جوعا وقهرا وظلما. هذا وقد وجه عدد من شباب سيدي بوزيد رسالة عبر موقع "الجمهورية ": "يكفينا استثمارا في بناء السجون وبناء الأقاليم والمراكز الأمنية". 

ومن أهم المطالب التي صرح بها للـ"جمهورية" الشاب محمد قادري استدعاء وفد وزاري ونواب عن ولاية سيدي بوزيد لإيجاد حلول عاجلة خاصة أن البعض من المعطلين متقدم في السن ومتزوج وفي كفالته عائلة.  كما ندد المحتجون بالانتدابات العشوائية والمسقطة بمحكمة الاستئناف بالجهة مؤخرا مؤكدين بالحرف الواحد "كل الانتدابات تجرى تحت الطاولة من طرف رؤوس كبار في الجهة".

 إنّ التحركات الاحتجاجية في سيدي بوزيد تنبئ بثورة حقيقية، وبدأت تتأجج وتتوسع وبدا الغضب يلف أهاليها وهناك دعوات متتالية لجمع شمل الشباب العاطل عن العمل لتنفيذ تحركات احتجاجية. وقد لفتت دراسة قام بها عدد من المعطلين عن العمل بمعتمدية المكناسي الى الشغورات التي تشهدها اغلب مؤسسات ولاية سيدي بوزيد.

البطالة التي تضرب أكثر من 30 في المائة من الشباب الحاصل على الشهادات الجامعية، باتت تشكل التحدّي الأكبر للحكومة التونسية في سعيها نحو توفير مزيد من فرص العمل لهؤلاء الخريجين الجدد من الجامعات، الذين ارتفع عددهم إلى نحو 80000 سنويا، بعد أن كان لا يتجاوز 40000 خلال السنوات الخمس الماضية.

يسود اليأس والإحباط في أوساط هذه الفئة المتعلمة من الشباب، الأمر الذي دفع البعض منهم إلى الإقدام على الانتحار، أو إضرام النار في أجسادهم في أماكن عامة، كما حصل مع الشاب البائع المتجول في مدينة سيدي بوزيد، للفت أنظار السلطات التونسية.

 من مشاكل الدولة التونسية عجزها عن التغطية الاجتماعية وعدم قدرتها على توفير حلول ناجعة لمعضلات البطالة خاصة بعد تسارع النسق التصاعدي للاحتجاجات، فهل تحمل الأشهر القادمة بصيصا من الأمل للشباب العاطل عن العمل أم ستتفاقم الأزمة؟

منير هاني